أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في منظمة الأمم المتحدة ، تحذيراً قوياً تعلن فيه أنه لا يمكن للبشرية التكيف مع الارتفاعات الكبيرة في درجات حرارة.
الوثيقة تؤكد أن الوضع المناخي خطير جدا ولا بد علينا التصرف الآن. وهي تهدف إلى توجيه القرارات السياسية حيث تقول أن التأثير لا رجعة فيه وموجات الحر الشديدة فاقت ما حددته اتفاقية باريس سنة 2015 كعتبة البالغة 1.5 درجة مئوية . وسيكون آثارها لا رجعة فيها على النظم البشرية والبيئية ولا يمكن للحياة على الأرض أن تتعافى إلا من خلال تطوير أنظمة بيئية جديدة. ومع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين مقارنةً بعصر ما قبل الصناعة ، يواجه 420 مليون شخص إضافي على وجه الأرض موجات حرارية شديدة ، وسيتعرض 1.7 مليار شخص أكثر من اليوم لحرارة مرتفعة وقد يتعرض ما يصل إلى 80 مليون شخص لخطر الجوع. و يحذر خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن الأسوأ لم يأت بعد. وسيؤثر التغير المناخي على حياة أطفالنا وأحفادنا وما يقارب عن 2.5 مليار شخص إضافي بحلول عام 2050 تتمثل في موجات حرارية رهيبة و فيضانات قوية، وهو ما سيؤثر كذلك على الزراعة. ولقد بدأ انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية الرئيسية بالفعل بنسبة 4 إلى 10٪ في السنوات العشر الماضية مثل الذرة بنسبة الخمس وستصل مع حلول منتصف القرن الثلث.
وستتأثر كذلك مصايد الأسماك ، مع احتمال انخفاض المصيد بنسبة 40٪ إلى 70٪ في المناطق الاستوائية بأفريقيا. وقد يحتاج 140 مليون شخص في إفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية إلى الهجرة من أجل البقاء على قيد الحياة جراء النقص في المياه الصالحة للشرب لأن إمدادات المياه الجوفية ، والتي تعد المصدر الرئيسي لمياه الشرب لـ 2.5 مليار شخص ، يمكن أن يتأثر بتغير المناخ بحلول عام 2050. وفي سيناريو متشائم ينص التحذير على التهديد الحاصل على غابات الأمازون البرازيلية التي يمكن أن تصبح في غضون عام 2050 سافانا قاحلة وسيضطر الحيوانات هجرتها نحو أراضي خصبة أو الموت. وستنقرض الأنواع الحيوانية والنباتية أسرع 1000 مرة مما كان عليه في منتصف القرن التاسع عشر. وبحلول نهاية القرن ومع ارتفاع درجات الحرارة بين درجتين مئوية و 3 درجات مئوية ، يمكن أن يتعرض 54٪ من الأنواع البرية والبحرية للتهديد بالانقراض . وستتعرض البنية التحتية الصناعية للخطر كذلك خاصة في الموانئ بارتفاع مستوى سطح البحر ، وكذلك محطات الطاقة النووية ، التي تقع 40٪ منها بالقرب من السواحل. ولأن المدن الساحلية ستصبح تحت التهديد، ستتآكل الشواطئ لتغمرها مياه البحر وتصل إلى النزل السياحية ولتدفع السياحة هي كذلك ثمن التغير المناخي العالمي. ويمكن أن تختفي معظم المدن الساحلية بحلول عام 2050 وهي مدن مرصودة في خط المواجهة ، وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وفي هذا الصدد تخطط إندونيسيا ، على سبيل المثال ، نقل عاصمتها جاكرتا إلى بورنيو توقعا من مصائب الفيضانات وارتفاع سطح البحر.
لكن لا يزال بإمكان البشرية توجيه مصيرها نحو مستقبل أفضل من خلال اتخاذ تدابير قوية لكبح الزخم الجامح للنصف الثاني من القرن بإعادة تحديد أسلوب حياتنا واستهلاكنا وهو ما تتوسل إليه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى كل حكومات العالم.