إيطاليا، أو ثاني أكبر قوة صناعية في أوروبا، هو سوق غني بالفرص لمعظم الشركات العالمية وخاصة الفرنسية. لأن إيطاليا تتميز بنسيج اقتصادي متمركز على 4.4 مليون شركة صغيرة ومتوسطة، وهو ما يمثل 99% من نظامها الإنتاجي. وتشكل المناطق الصناعية الإيطالية نموذجا ناجحا مكّن إيطاليا من أن تصبح قوة صناعية رائدة.
تتميز العلاقات الاقتصادية بين فرنسا وإيطاليا بالترابط القوي وتعد فرنسا المستثمر الرئيسي في إيطاليا باستثمارات بقيمة 87.3 مليار يورو في عام 2021، تتركز بشكل رئيسي في شمال البلاد، وخاصة في ولاية لومبارديا توظف ما يقرب 300 ألف شخص في قرابة ألفي شركة فرنسية تأسست في إيطاليا مما يعزز العلاقات الاقتصادية الثنائية. وتشمل القطاعات الأكثر تمثيلا من قبل الشركات الفرنسية في إيطاليا الخدمات المالية والتوزيع والطاقة والرفاهية والأغذية الزراعية. وفي عام 2023، بلغ حجم التجارة في السلع بين فرنسا وإيطاليا 105.5 مليار يورو، رغم انخفاض طفيف مقارنة بعام 2022. وتبقى فرنسا ثاني أكبر شريك تجاري لإيطاليا، كما بلغت واردات البضائع الفرنسية 53 مليار يورو. وتتركز هذه التجارة بشكل رئيسي في قطاعات النسيج والآلات الصناعية والمنتجات الزراعية الغذائية. وتوفر إيطاليا، بفضل ثقافة تذوق الطعام الغنية والمتنوعة، سوقًا جذابة للمنتجات الغذائية الزراعية، وخاصة المنتجات العضوية والتي تلبي توقعات المستهلكين الجديدة فيما يتعلق بالصحة. ويُظهر الإيطاليون اهتمامًا متزايدًا بالمنتجات الحرة (الخالية من الغلوتين واللاكتوز والخالية من السكر) وكذلك المنتجات العضوية التي تؤثر على الغذاء وكذلك مستحضرات التجميل والتعبئة البيئية. كما يمكن للشركات المتخصصة في هذه المجالات أن تجد أرضية مناسبة لتوسيع تواجدها، خاصة في المدن الكبيرة في شمال ووسط إيطاليا، حيث يكون الطلب قويًا على المنتجات عالية الجودة. ومع الهدف الطموح المتمثل في الامتثال للالتزامات الأوروبية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030، تركز إيطاليا على الطاقات المتجددة والتحول البيئي وتقدم فرصا عديدة للشركات الفرنسية المبتكرة، وخاصة تلك المتخصصة في كفاءة الطاقة والطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحلول الاقتصاد الدائري. كما أن السوق الإيطالية تشهد ارتفاع الطلب على التقنيات المتقدمة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني، وهو مجال تتفوق فيه فرنسا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستثمارات المرتبطة بالخطة الوطنية للإنعاش والقدرة على الصمود (PNRR)، والتي تخصص جزءًا كبيرًا من ميزانيتها للثورة الخضراء، كما توفر المزيد من الفرص للشركات في هذا القطاع.
نظرًا للشيخوخة السريعة لسكانها، تعد إيطاليا سوقًا واعدة. ويتزايد الطلب على المنتجات والخدمات التي تستهدف كبار السن، بدءًا من الأجهزة الطبية إلى خدمات المساعدة المنزلية والتقنيات الصحية المتصلة. وفي هذا الخصوص تتوغل فرنسا، بخبرتها في هذا القطاع داخل إيطاليا باستعمال رقمنة الرعاية وتوفير أجهزة التنقل والمساكن الملائمة لكبار السن، مما يتيح للشركات الفرنسية فرص لتأسيس نفسها في سوق مزدهرة. علاوة على ذلك، تمر إيطاليا بمرحلة من التحول الرقمي المتسارع، لا سيما في ظل زخم البرنامج الوطني للإصلاح وإعادة الإعمار الذي يخصص جزءًا كبيرًا من أمواله للرقمنة والابتكار. وتمكنت الشركات الفرنسية المتخصصة في التجارة الإلكترونية أو Fintech أو Martech أو حتى خدمات رقمنة الأعمال أن تجد سوقًا يتمتع بإمكانيات قوية داخل العمق الإيطالي أدت إلى تغيرات في عادات استهلاك الإيطالي، وتضخمت بسبب جائحة كوفيد-19. في المقابل، تسعى إيطاليا إلى تحديث بنيتها التحتية الرقمية، مما يفتح الباب أمام التعاون الفرنسي الإيطالي في مجال تكنولوجيا المعلومات.