أثار خطاب الرئيس بوتين الدهشة اليوم عندما أوضح أن البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا (بريكس) تحضر لإصدارعملة احتياطية جديدة قائمة على سلة تتألف من ريال ، روبل ، روبية ، رنمينبي ، وراند
لا ينبغي أن تكون الأخبار التي تفيد بأن روسيا تقود مناقشة حول عملة احتياطية جديدة مفاجأة لأن سرعة العقوبات التي فرضتها الدول الغربية وحلفاؤها على احتياطي النقد الأجنبي الروسي (تجمد منه حوالي النصف) صدمت كثيرا السلطات الروسية. ولقد اعترف البنك المركزي الروسي أن بعض دول البريكس وخاصة الصين قد لاحظت السرعة التي تحركت بها وزارة المالية الأمريكية ، لذلك تشعر دول البريكس أنها بحاجة إلى عملة بديلة مما يجعلها تذكر بحقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولي على أنها ليست بعملة لكنها في الواقع سلة من العملات الاحتياطية مثل الدولار واليورو والجنيه والين وأضافوا له مؤخرا العملة الصينية الرنمينبي.
هناك ما يقارب 950 مليار دولار أمريكي من الأصول الاحتياطية الدولية تتداول في العالم وهي مصممة لتكملة احتياطات أعضاء صندوق النقد الدولي. و في اوت 2021 ، تم إصدار 456 مليار أصولات إضافية لأعضاء صندوق النقد الدولي لتخفيف احتياجات تمويل ميزان الدفوعات وذلك لتمويل أعقاب جائحة الكورونا. فلماذا اذا تحتاج دول البريكس إلى عملة سلة تشبه للاصول الاحتياطية الدولية؟ لا يسع للمرء إلى أن يعتقد أن هذه الخطوة محسوبة لمعالجة الهيمنة الأمريكية المتصورة في صندوق النقد الدولي لأن تسمح لمجموعة البريكس ببناء مجال نفوذها ووحدة العملة الخاصة بها داخل مجالها. ومن المثير للاهتمام أن هذا الأسبوع شاهدنا تقارير إخبارية تفيد بأن روسيا قد ترغب في معالجة قوة الروبل. فهل يمكن للبريكس أن يحضن السلة التي يُدار الروبل على أساسها؟ وقد يكون لدى روسيا دافع قوي للمشاركة أو الشروع في خطة شبيهة بصندوق النقد الدولي من أجل معالجة الضغط المتزايد عليها ولقد اعتادت روسيا على أن تكون دائنًا لبقية العالم ، حيث أن فائضها التجاري الكبير عادة ما يتم موازنته من خلال تدفق رأس المال إلى الخارج (شراء أصولات أجنبية). لكن الآن ، ومع الواقع الجيوسياسي الجديد ، لم تعد الاستثمارات الروسية موضع ترحيب بسبب العقوبات والقيود القانونية وفي بعض الحالات القرارات الفردية من قبل المؤسسات المالية. في الوقت نفسه ، قد يؤدي سياق المعادلات العالمية المتزايدة إلى خلق طلب في الأسواق الناشئة بتكلفة تنافسية. وقد يكون مقترح بوتين مجرد بالون تجريبي يطرح سؤال هل ستجذب سلة البريكس احتياطات العملات الأجنبية من دول البريكس نفسها أو من دول يُنظر إليها على أنها تقع في نطاق نفوذها أو أنظمة أكثر ودية في الخليج أو جنوب آسيا؟ وللإجابة عى هذا السؤال يجب ألا ننسى شعار ما يجعل العملة الاحتياطية جيدة: الأمان والسيولة والاستثمار ، لذلك فإن أفكارنا المبكرة لن تكون كافية لتفسير الوضعية الحالية المرتبطة بالسياسات الدبلوماسية والحربية إلا أننا نعلم أن لإطلاق عملة جديدة أو سلة عملات في رمشة عين فلا بد أن يتوفر عنصر الثقة ، والثقة لا تأتي إلا بالوقت، فهناك بعض التصريحات الطموحة تنادي لهذا الحلم ولا تعتبر أن روسيا شديدة القلق بشأن مسار العقوبات وتسليح الدولار المتزايد ، فقد يكون الانتقال في مرحلة أولى إلى الذهب أفضل.