بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والإجتماعية بتونس وتحت إشراف المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ببن عروس، تنظم المكتبة المغاربية وجمعية أحباء المكتبة والكتاب ببن عروس ندوة حول دور المكتبات العمومية في الحد من ظاهرة الإنقطاع المدرسي: التحديات والمقاربات والإستراتيجات يومي 4-5 ماي 2024 بفضاء المكتبة المغاربية ببن عروس.
ويعد الإنقطاع المدرسي أو التسرب المدرسي أو الهدر التربوي من المشكلات الخطيرة التي تعاني منها أغلب الأنظمة التعليمية في بلدان العالم النامي وحتى بعض البلدان المتقدمة، وتهدد الظاهرة مستقبل الأجيال والمجتمعات إذ أن تأثيرها يتعدى المتعلم وتمتد إلى نواحي المجتمع الاقتصادية والإجتماعية والثقافية والأمنية. فهي تزيد من معدلات عوامل التخلف (الفقر، الجهل والمرض) وتساهم في رفع معدلات الأمية وتضعف البنية الاقتصادية وتهدد التماسك الاجتماعي وتزيد من الإنحرافات في صفوف الأطفال والشباب وتؤدي إلى إرتفاع معدلات الجريمة إضافة إلى إنتشار البطالة وإرتفاع نسبة تشغيل الأطفال وضرب مشاعر الإنتماء الوطني وتدني مستوى القيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية وتسبب في خسارة الكثير من الأموال دون تحقيق العائد المستهدف في النظام التعليمي. ويعاني النظام التعليمي في تونس من هذه المشكلة بالرغم من الجهد المبذول من الإستقلال لتعميم التعليم ونشره ومكافحة الأمية بين السكان وتكوين الإطارات التي تحتاجها الدولة الوطنية للبناء وتحقيق التنمية الاقتصادية والإجتماعية. ولقد حقق النظام التعليمي التونسي تطور هام في ارتفاع نسب التمدرس بين الذكور والإناث في كل الجهات، وأصبح التعليم إجباري ومجاني، إلا أنه ما يزال يعاني كثيرا من العقبات التي تعمق ظاهرة الهدر التربوي والتضغي إلى تردي الجودة رفع في نسب ظاهرتي الرسوب والتهرب وعدم التمكن من القضاء على الأمية بشكل نهائي. ولم تبلغ تونس مستوى المخرجات التعليمية ما يتوافق مع التطورات العلمية والمهنية المناسبة للقرن الحادي والعشرين وما تتطلبه البرامج التنموية أو ما يحتاجه سوق العمل، وذلك ما جعل التعليم يفقد قيمته الإستثمارية ويضحى عبئا ثقيلا يثقل كاهل المجتمع وهو مايتطلب المزيد من الاهتمام والمعالجة من خلال نظرة شمولية تتحدد فيها الغايات من التعليم والعمل الجاد على تحقيقها والتقييم المستمر لآداء المنظومة التعليمية والعمل على التقليل من الهدر التربوي كميا ونوعيا.
ولعل ضعف المخرجات التعليمية عائدا أساسا إلى ضعف صلة المتعلم التونسي والعربي عموما بالكتاب في ظل هذه المثيرات البصرية والسمعية التي هي سيمة العصر الرقمي. ولما كان الكتاب أساس كل فعل تعليمي وثقافي وباعتباره هدفا مشتركا بين وزارة التربية ووزارة الشؤون الثقافية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي تتجسد فيه رسالتهم التربوية والتثقيفية، فإن للمكتبات العمومية دور فعالا في رد المتعلم التونسي إلى الكتاب ردا جميلا والحد بذلك من التهرب المدرسي وجميع تبعاته. وإيمانا من المكتبة المغاربية، وجمعية أحباء المكتبة والكتاب ببن عروس بدورهما في خدمة القضايا التعليمية بتونس ودراستها دراسة علمية من قبل الباحثين الأكادميين المتخصصين في التعليم وفي المساهمة لتقديم الحلول العلمية والإستفادة منها في مواجهة المشكلات التعليمية وخاصة الإنقطاع والتسرب المدرسي والهدر التربوي ضمن رؤية علمية إسترتيجية، تنظم المكتبة المغاربية وجمعية أحباء المكتبة الكتاب ببن عروس بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والإجتماعية بتونس هذا الملتقى العلمي.