قرر رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، فرض حالة الطوارئ في أرخبيل كاليدونيا الجديدة في وقت يهتز فيه المستعمر الفرنسي في المحيط الهادئ بسبب أعمال شغب عنيفة خلفت على الأقل ستة قتلى.
وفي خطوة تصعيدية خطيرة، قرر ماكرون أيضا بعث وحدات عسكرية إلى الأرخبيل لتعزيز القوات الفرنسية المتمركزة هناك ولتأكيد عزم فرنسا في الإبقاء على الحالة التي هي عليها على أراضي مستعمرة تبقى تسميتها أراضي وراء البحار. ولقد إنطلق الإحتجاج على خلفية مشروع، وافق عليه البرلمان الفرنسي بسرعة، يعيد الخريطة الدمغرافية للأرخبيل، ورفضه الانفصاليون، لأنه يمس من التركيبة الاجتماعية للأرخبيل ليضعف العدد النسبي للكاناك أصحاب الأرض الأصليين. ويرى الكاناك أن التركيبة الجديدة ستجعلهم في وضعية أقلية، أين سيستحيل لهم استرجاع سيادتهم وحقهم الطبيعي في تكوين دولة كما ينص عليه القانون الدولي، وذلك في صورة استفتاء شعبي. ووراء خزعبلات فرنسا للإستحواذ الدائم على هذا الأرخبيل، مسألة إقتصادية مهمة يعلمها جيدا ماكرون وحكومته، تتمثل في نهب ثروة طبيعية تزخر بها المنطقة وهو معدن النيكل، لأن النيكل يدخل في تركيبة بطاريات السيارات التي فتح لها ماكرون مستقبل واعد بحلول عام 2035 حيث سيقع الإستغناء على كل السيارات الحرارية لإستبدالها بالسيارات الكهربائية في جميع أنحاء فرنسا.
وتمثل هذه الخطوة الجريئة للصناعة الفرنسية ثورة في مجمل قطاع الصناعات الميكانيكية أين سيقع استبدال أسطول رهيب من السيارات في أوروبا لإنشاء سوق عملاق لتجارة وصناعة بطاريات السيارات. وفي هذا الصدد، يصبح منجم النيكل في أرخبيل كاليدونيا الجديدة مهم جدا للفرنسيين ومعدن استراتيجي في العشرية المقبلة حيث سيقع استهلاكه في أوروبا في صناعة البطاريات. والغريب أن سعر النيكل العالمي انخفض بنسبة 45% منذ بضعة أعوام، وتتهم فرنسا الدولة الصينية ودولة ازربايدجان باستعمال طرق غير قانونية للهيمنة العالمية لهذا المعدن المطلوب. ولقد أصبحت فرنسا غير قادرة على عرضه للبيع في السوق العالمية بسبب رخص سعره، وإندلعت حالة إحتقان في الأرخبيل المستعمر مع مظاهرات عمالية وتسبب في تأجيج الأوضاع الإجتماعية.