اجتمع ، خلال الدورة السادسة للمنتدى البحري العالمي، أكثر من أربعين خبير مع علماء وممثلون اقتصاديون وشخصيات سياسية، في مدينة بنزرت لمعالجة سؤال مركزي: المحيط والبحر الأبيض المتوسط: في عصر الغليان؟
ولقد تنظمت هذه الدورة السادسة من منتدى بنزرت للبحر العالمي على أربع حلقات، واختتمت بملخص النقاشات وبرفع التوصيات. وأتاحت الدورة، فرصة جديدة لا تقل من الأهمية، لتمهيد الطريق نحو مؤتمر الأمم المتحدة القادم للمحيطات، والذي سيقع عقده في مدينة نيس الفرنسية في جويلية 2025 ، حيث سيجتمع فيها أصحاب المصلحة للاستفادة من التبادل التي نظمها خبراء مجموعة المحيط 2050. وبينما يقترب الموعد النهائي لخطة 2030، ومع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري التي تتضارب مع أهداف اتفاق باريس، أطلقت مجموعة المحيط 2050 نداء تحث فيه للبدإ في التحولات الفورية والملتزمة والجريئة، وتبعث لاستعادة صحة المحيطات. وكان المسار الذي حدده اتفاق باريس يهدف إلى إبقاء ارتفاع درجة الحرارة العالمية بنحو درجات حرارة أقل من 1.5 درجة مئوية إلا أن الواقع جاء عكس ذلك. ويرجح الارتفاع في درجة حرارة المياه، أو تباطؤ الدورة الحرارية الملحية، إلى التزايد في العقود المقبلة. ولقد ظهر ذلك في صيف 2023، ولم يعد من الممكن أن يبق العلم على هامش هذه الملاحظات. وبانعقاد المنتديات المتتالية، يدعو المنتدى البحري العالمي، إلى إعادة النظر في دور العلماء داخل المجتمعات، وحثها لتنفيذ الحلول المقترحة للعالم، لأن كل الجهود المبذولة للحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادته، ستذهب سدى إذا لم يسبقها ويصاحبها انخفاض جذري في انبعاثات غازات الدفيئة. وفي هذه المعركة الرامية إلى التخفيف من آثار تغيّر المناخ والتكيّف معه، يعتبر المحيط أكبر نظام بيئي مهدّد على الأرض، كما يمثل أيضًا أحد حلوله. إلا أنه، لا يمكن تحقيق تقدم علمي دون وجود جيل من صناع القرار من المدربين على مواجهة التحديات المناخية والبيئية الحالية، كما وجب أيضًا إعلام كل الناس وتثقيفهم بشأن القضايا المناخية والبحرية من خلال محو الأمية حول بيئة المحيطات حتى يساهم كل فرد في هذه الأرض، لإستدامة المحيط وصنع مستقبل آمن لكل سكان الأرض.
لكن يشهد العالم اليوم اشتباكات عسكرية في جهات عديدة من الأرض وجهد غير مسبوق لإعادة تسليح القوى البحرية. ويتمنى المنتدى البحري العالمي، أن تتقدم القوات البحرية العسكرية بمساهمات في فهم وتوقع التغيرات في المحيط، لمكافحة الاتجار بالبشر، والصد من الصيد غير القانوني، ودعم السكان أثناء الأحداث المناخية المتطرفة. إن مفهوم التحول الطبيعي والجيوسياسي يوضح واقعاً لا مفر منه وجب على كل سكان العالم أن يستعد له. وسيكون التغير له تأثيرا لا مفر منه، مما يؤدي إلى تفاقم التوترات حول صيد الأسماك والمعادن النادرة وممرات الشحن. وفي هذا السياق، لا بد من استباق الأزمات وإنشاء آليات تعاون متعددة الأطراف، لذلك فإن تطوير أدوات مثل التوأم الرقمي للمحيطات يعد أمرًا ضروريًا لضمان جودة المعلومات التي لا بد من استخدامها لدعم القرارات الفنية والتشغيلية. ومن المأمول أنه في عام 2025، وبمناسبة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمحيطات، سيتم الإعلان عن تشغيل هذا التوأم الرقمي للمحيطات والمنظمة الحكومية الدولية التي تشرف على تشغيله. وتلعب بنوك التنمية العامة، التي تدير المليارات تحت رعاية الدول، دورًا حاسمًا في هذه الصورة الجيوسياسية التي يجب أن تجعل المحيط صانعًا للسلام وصانعًا للروابط بحلول عام 2050. ومن أجل مواءمة هذه المؤسسات بشكل أفضل مع أهداف التنمية المستدامة (SDGs) و الاتفاقيات الدولية بشأن الاستدامة، يبدو من الأساسي أن يُدعم مثال تحالف البنوك الاستثمارية الزرقاء الذي تم تشكيله في أعقاب اجتماع قرطاجنة.