ألقى رئيس الجمهورية قيس سعيد كلمة إثر اجتماعه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان ووزيرة العدل ليلى جفّال ووزير الدفاع الوطني عماد مميش ووزير الداخلية توفيق شرف الدين وقيادات عسكرية وأمنية هذا نصه
نجتمع اليوم في هذه الأيام الأخيرة من السنة الإدارية لننظر في الأوضاع التي تعيشها تونس اليوم، ومايحصل هذه الأيام من قبل الغارقين حتى النخاع في الفساد وفي الخيانة يتولون، كل يوم وكل ساعة على مدار الليل والنهار، ضرب مؤسسات الدولة، ويتلونون بكل لون ويتطاولون على الدولة ورموزها، وهذا التطاول يرتقي إلى مرتبة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي. وهذه الأوضاع لا يمكن أن تستمر ولا يمكن أن يبقى هؤلاء بدون جزاء، في اطار القانون ولكن لا بد من تطبيق القانون للحفاظ على الدولة وعلى مؤسساتها وللحفاظ على الوطن والشعب التونسي. لا مجال لأن يحل أحد محل الدولة ومؤسساتها، هناك دولة تونسية واحدة وحكومة واحدة، ومن يفعل أو من يسعى إلى ضرب الدولة من الداخل، ويسعى الى ضرب السلم الأهلي، سيتحمل مسؤوليته كاملة.
لقد تم تنظيم الدورة الأولى من انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب القادم وشابهه ما شابهه من تجاوزات و اسفرت عن النتائج التي تعرفون لكن 9% أو 12% من الذين شاركوا أفضل من 99% التي كانوا يشاركون فيها وكانت تتهاطل برقيات التهاني من الخارج وتعلم تلك العواصم أن الانتخابات مزورة. نحن بحاجة إلى برقيات التهاني من الشعب التونسي. لقد تم احترام القانون وسنحترم القانون لاننا نؤمن بفكرة القانون، وساهرين على تطبيقه في كل المجالات أن لا تأخذهم في الحق لومة لائم. وعلى القضاة الشرفاء أن يتحملوا مسؤولياتهم التارخية في هذا الظرف الذي تعيشه تونس ولا مجال للتسامح مع هؤلاء الذين يحاولون تطويع القانون لتمكين عدد من المهربين والمجرمين والمحتكرين حتى يفلتوا من العقاب. ماذا يعني أن يتم القاء القبض على شخص ويتم حجز بضاعة بقيمة أكثر من 300 الف دينار، ثم يحال على المحكمة ويتم القضاء بألف دينار خطية وارجاع المحجوز، هذه الأيام، كان على القاضي أن يعرف على أي قدم يرقص إما ان يدينه، وقد ادانه بالف دينار واعاد اليه المحجوز بقفصة. ان هذا الذي يحصل اليوم لا يمكن ان يتواصل وهذا البؤس السياسي لا يمكن ان يستمر كما لا يمكن أن تنتهك حياة المواطنين على هذا النحو من التنكيل وخلق الازمة تلوة الازمة، مرة الدواء مرة تصفية الدم مرة القهوة مرة السكر مرة البنزين… الخ.. كنا في السنوات الستين والسبعين أقل مداخيل ولكن لم يحصل هذا أبدا، فهم يختلقون الازمات وخطاب الازمة عندهم هو للتحريض على مؤسسات الدولة. لو كانوا بالفعل وطنيين لتقدموا بمبادرات تتعلق باصلاح بعض الاوضاع. لقد بلغ السيل الزبى ولن نترك الشعب التونسي والدولة التونسية، لن نترك وطننا العزيز لقمة صائغة على موائد اللئام.
بعضهم يتحدث أثناء الليل وأطراف النهار، ويثلب ويشتم، وقلت لهم في عديد المناسبات ، من منكم يقبل في أي دولة تقول أن حقوق الانسان في تونس قد تم التراجع عنها. هو شخص يتوعد رئيس الجمهورية بالاغتيال، هل تقبلون بذلك؟ ومع ذلك، هذا الشخص وغيرهم من الاشخاص، يتجولون بكل حرية ويتنقلون الى الخارج وهم تحت حماية الأمن. هذا الوضع لا بد أن ينتهي. وهؤلاء الذين يتباكون على حرية التعبير، هؤلاء ليس لديهم حرية التفكير بل هم مرتزقة ولا أريد أن أذكر بعض الأسماء ولكن سيعرفون أنفسهم بأنفسهم. هبة ب40 مليار وهبتها شركة لرئاسة الحكومة في سنة 2017 باسم اصلاح منظومة الاعلام. وتمتع بها عدد ممن يدعون أنهم من المحللين والخبراء في وسائل الاعلام. لا هم محللون ولا هم خبراء بل هم مرتزقة ارتموا في أحضان الخارج. وأسماءهم أمامي . هؤلاء الذين يتحدثون كل يوم ويقدمون التحاليل الكاذبة والذين يفترون ولا يخجلون حين ينظرون إلى أنفسهم في المرآة بأن ليس لديهم حتى قليل من الماء على وجوههم. لن نترك مرة أخرى وطننا وشعبنا ودولتنا لقمة بيدي هؤلاء العابثين المجرمين . حينما تجوع الشعب حينما لا يجد الدواء ولا يجد الحليب ولا يجد المواد الأساسية ، هؤلاء هم في عداد المجرمين. فارتكبو الجرائم ومازالوا يريدون ارتكاب جرائم أخرى. ونعلم ما يخططون له ولكن الشعب يعلم أن آخر ورقات التوت سقطت عنهم منذ أعوام، يعلم جيدا هؤلاء الذين عبثوا بمقدرات الشعب.
وهؤلاء الذين كانوا خصماء، وما بالعهد من قدم، في سنة 2013 كانوا في الظاهر خصماء وصاروا اليوم حلفاء لأنهم في الواقع من نفس المنظومة. تقاسموا الأدوار ويتقاسمونها اليوم لأن الدولة بالنسبة اليهم غنيمة، ومقدارت الشعب عندهم غنيمة. وسيعلم هؤلاء ان شاء الله قريبا أي منقلب ينقلبون. أريد أن أطمئن التونسيين والتونسيات بأننا على العهد باقون ، وسنواصل وسنستمر وسننتصر ولا عودة إلى الوراء اطلاقا. ولن نترك لهم طريقا للخروج الآمن، كما يتحدث البعض. هذا الطريق ، اذ يجب أن يكون آمنة بالنسبة إلى الشعب وليس بالنسبة لهؤلاء الذين عبثوا بمقدراته، ويتطاولون، وهنا أقول لهم ان كان بعضهم قد حصل على مقعد ببعض المئات من الاصوات أو بفتات من الأصوات فلا يمكنه أن يتحدث اليوم عن مصير دولة ومصير شعب ومصير وطن. سنستمر وسنمضي قدما مع الصادقين، مع الثابيتن من أبناء شعبنا حتى يطلع نور جديد على وطننا العزيز. هؤلاء الذين اعتبروا احترام القانون ضعفا والذين اعتبروا احترام الاجراءات من قبيل الضعف ليعلموا جيدا أن الدولة التونسية قوية بمؤسساتها وأن الشعب التونسي لم تعد تخفى عليه خافية وسيبقون إن أرادوا البقاء كأجداع نخل خاوية.
سنواصل وسنستمر ويكفي من التطاول على الدولة وعلى مؤسساتها وعلى رموزها وستأتي الأيام القادمة ان شاء الله بما يكشف حقيقة هؤلاء الذين لا تهمهم الأرواح. وأذكر هنا لأبناء جرجيس حتى أبين كيف أن هؤلاء لا تهمهم الأرواح، القارب الذي انتقل عليه الذين غادروا، وهم ان شاء الله في جنات النعيم، لفظه البحر وكان مثقوبا ولا يتسع الا لسبعة أشخاص، ومع ذلك أصر الذي نظم الرحلة بالرغم من أن عددا من البحارة قالوا له إن الأحوال الجوية لا تسمح بالابحار. ثم بعد ذلك تم دفن الضحية الأولى والشهيد الأول بدون أي تشريح، ثم بعد ذلك أخرجوا عددا من الجثث وهي في حالة تحلل لمزيد تأجيج الأوضاع. وجاءت مائة مليون من فرنسا والرقم موجود، ورقم الحساب البنكي موجود. لو كانوا بالفعل وطنيين لأعطوا هذه الأموال إلى الفقراء والمساكين ولكن أعطوها لمن باعوا ضمائرهم وارتموا في أحضان الخارج، وهناك رقم أخر بأربع مائة ألف دينار. هؤلاء هم ان شاء الله في حساب الشهداء، نحستبهم شهداء لانه تم اغراقهم وسيتحمل من قام بهذه العملية المسؤولية كاملة، هو الذي قام بذلك ومن يقف وراءه، لانهم لا تهمهم الأرواح البشرية، تهمهم فقط مصالحهم ومآربهم وخياناتهم وتجويع الشعب والتنكيل به.
لقد آن الأوان لوضع حد لهذه الأوضاع وليتحمل أيضا المسؤولون داخل الادارة مسؤولياتهم كاملة، اليوم أحدهم في الصباح ترك عمله والتقى بزمرة من الخونة ثم عاد الى مكتبه بعد أن دبر ما دبر من عمليات الاحتكار وهو يعمل داخل الوزارة والمفروض أن تتم احالته على القضاء . سنواصل وسننتصر وستبقى تونس قوية. بقيت في ظل أزمات كثيرة قوية وستكون أقوى ان شاء الله بإرادة شعبنا الذي رفع شعار شغل حرية كرامة وطنية. وسيادتنا ليست في أي جدول أعمال مع أي طرف كان. سيادتنا خط أحمر. سيادتنا الذي مات من أجلها الشهداء، لن نفرط في جزء منها مهما كانت الأحوال. نموت نموت ويحيا الوطن، نموت نموت وتحيا تونس ان شاء الله. الحياة لحظة وموقف، فإن اللحظة ستمر ولكن موقف الرجال الصادقين والنساء الصادقات هو الذي سيبقى وسيسجله التاريخ بأحرف من ذهب. سجل التاريخ أسماء خالدة، وسجل التاريخ، ليس بأحرف من ذهب، ولكن، بل لفظهم التاريخ ويذكرهم دائما كخونة وكعملاء ، لا عهد ولا ميثاق معهم.