تحليل سياسي ديمغرافي للإنتخابات المقبلة للإتحاد الأوروبي وإستعدادها لهذا الموعد المصيري للقارة العجوز.
عدد السكان في أوروبا يتطور من سنة إلى أخرى ولذلك إرتفع عدد المقاعد في البرلمان الأوروبي من 720 مقعد إلى 750 مقعد لإنتخاب المؤسسات الهامة في الإتحاد الأوروبي على غرار البرلمان والمفوضية والمجلس. في 27 دولة أوروبية سيتوجه 400 مليون ناخب لمدة أربعة أيام لتقرير مصير الشعوب الأوروبية في مجال صناعة القوانين خاصة وفي إطار عالمي جديد يتشكل بطريقة جديدة في ظل التطورات والصراعات الإقليمية المختلفة في القارات الخمس ولعل أهمها الصراع في الشرق الاوسط وبالتحديد في غزة وكذلك الصراع الروسي الأوكراني الذي يتطور من يوم إلى آخر على المستوى السياسي والإقتصادي خاصة وقد إتضح أن فرنسا وألمانيا تتزعمان تحديا هاما للتصدى للقوى المعادية للإتحاد الأوروبي وقد إتضح أن حزب التجمع الوطني في فرنسا إنطلق في حملته الإنتخابية وقد تبين من خلال إستطلاع الرأي أن الأحزاب اليمينية المتشددة في فرنسا تتصدر الإهتمام وهذا قد ينتشر في بقية دول الإتحاد الأوروبي ومن ناحية أخرى تستعد الأحزاب التي تناهض اليمين المتشدد في الإتصال بالمواطنين وإقناعهم لسد الطريق اليمين المتطرف. هذا، ولا بد من الإشارة أن الحكومات تستعد لهذه الإنتخابات الضخمة في القارة العجوز وقد إتضح أن مواقف الشعوب تتغير بطريقة سريعة حسب المتغيرات والفترات التي تمر منها القارة وكل العالم وما يتبعه من تأثير هام للإعلام في العالم في ظل الثورة الرقمية ومدى تأثير النات في الأحداث التي تعيشها الشعوب في العالم. هذا وقد لاحضنا أن البرلمان الحالي الأوروبي هو بدوره يستعد للإنتخابات من خلال حملة غير مباشرة للنواب المباشرين حاليا من خلال مناقشة عدد كبير وقياسي من القوانين. كما تتسابق وسائل الإعلام في العالم للتوجه إلى البرلمان الأوروبي وتصدر نقل أخبار الحملات الإنتخابية بشكل مكثف هذه الأيام.
برلمان الإتحاد الأوروبي في الفترة الماضية مر من أحداث هامة إنطلاقا من خروج بريطانيا إلى أزمة الكوفيد وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية بقطع النظر عن إمكانية توجه أوروبا نحو اليمين لا بد أن نشير إلى خطورة الأحداث التي مر منها البرلمان في إطار أمنه الديمقراطي الذي هددته أحداث الجوسسة والاختراق والتدخل الخارجي في قرارات البرلمان من خلال ذلك التحقيق الذي تزعمته بلجيكيا الذي يتهم دولة قطر والذي أطلقت عليه إسم قطر غيت. وهذا ما نفته الحكومة القطرية، أما الفضيحة الثانية التي ظهرت خلال هذا الشهر هي إحتمال التدخل الروسي في قرارات البرلمان الاوروبي وقد جاء إعتقال أحد الموظفين بتهمة التجسس لصالح الصين من ناحية أخرى. في الختام، لابد أن نشير أن برلمان القارة العجوز سارع بتكثيف العقوبات على روسيا للحد من قدرتها في الحرب على أوكرانيا وهذا يعتبره النواب الحالية إنتصارا للبرلمان الأوروبي وإنجازا هاما وقد يقع إستعماله في الحملة الإنتخابية القادمة. وستبقى أوروبا في النهاية تتأرجح بين اليمين واليسار وتحت قصف الثورة الرقمية والذكاء الإصطناعي الذي يغزو كل الميادين بكل الأشكال السلبية والإيجابية، وقد كان للبرلمان الأوروبي نشاط متميز من خلال سن القوانين وحماية شعوبها.